اقتربت موجة الطلب والتوصيل والتسليم السريع حتى باب المنزل للسلع الغذائية والبقالة من التوغل بالتدريج في إفريقيا والشرق الأوسط، مثلما سيطرت سابقاً على أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وحديثنا اليوم عن مفاجأة من مفاجآت الشركات الناشئة في مجال التوصيل السريع وهي شركة Rabbit التي خرجت مؤخراً بشكل مذهل من التخفي بمبلغ 11 مليون دولار كـ تمويل أولي لها!
هذه الشركة هي الأحدث ضمن قائمة طويلة من الشركات الناشئة للتوصيل التي يتهافت المستثمرون من كل مكان بالعالم على ضخ الأموال لها في سبيل التمويل، حيث يتم في الشركة توصيل الطلبات سواء كانت من البقالة أو غيرها خلال فترة لا تتجاوز 20 دقيقة فقط من مركز تلبية الطلب (المستودع) إلى باب المنزل، وبالحديث عن أفريقيا بشكل عام ومصر بشكل خاص، تعتبر Rabbit الآن واحدة من الشركات الرائدة في هذا المجال جنباً إلى جنب مع شركة Breadfast التي دخلت في خضم السباق معلنة أنها سوف تبدأ في إكمال الطلب خلال أقل من 20 دقيقة.
شارك في هذه الجولة التمهيدية للتمويل كل من مؤسسة Global Founders Capital الموجودة في سان فرانسيسكو، ومؤسسات رائد فنتشرز RAED Ventures، وFoundation Venture وGoodwater Capital وMSA Capital، وهو يعتبر رقم قياسي تفوقت به Rabbit على العلامة التجارية Telda بمبلغ 5 ملايين دولار.
أُسست شركة Rabbit في يونيو الماضي على يد كل من أحمد يسري، ووليد شبانة، وإسماعيل حافظ وأيضاً طارق الجريسي، وقال المدير التنفيذي للشركة أحمد يسري أن الفكرة جاءت من تكرار عمليات التسليم البطيئة والتجارب غير الموفقة في تسليم البقالة التي مر بها أعضاء المجموعة المؤسسة للشركة، وهذا ما جعلهم يلاحظوا عدم وجود أي ابتكار في نمط التوصيل السريع في مصر بالإضافة إلى تكرار نفس المشكلات، فأنت تطلب شيئاً ما ولست متأكداً هل ستجده أم لن يكون متوفراً، وإذا توفر هل سيصلك كاملاً أم ناقصاً، أو هل سيصل الطلب نفسه أم ستجد شيئاً آخر غير الذي طلبته، وهل سيصلك في المدة المحددة أم أنك ستنتظر كثيراً، لست متأكداً من أي شئ!
على المستوى الأفقي، تعتبر السلع الغذائية وعناصر البقالة من الأشياء التي لا غنى عنها في أي بيت، والتي كثيراً ما يتفاجأ الشخص بأنه نسي شرائها ويُصاب بالصدمة والذعر فور اكتشافه ذلك وبالتحديد توتر ربات البيوت خاصة عندما يكون احتياج السلعة طارئاً، لذلك فقد انطلقت من قبل معظم منصات التوصيل حسب الطلب في هذا الشأن في أوروبا مثل Getir وGorillas، ولكن مع الوقت اكتشفوا أن البيع بالتجزئة عند الطلب يوفر عناصر هامة أخرى يحتاج إليها المشتري أيضاً، تماماً مثل السوبر ماركت أو السوق الكبير الذي يحتوي على فرص وأنواع وفئات عديدة من المنتجات في نفس المكان.
وهذا بالضبط ما درسه أحمد يسري المدير التنفيذي لشركة Rabbit مع شركائه، حيث درسوا حالات الاستخدام التي قام فيها الناس بطلب أشياء من منصات التجارة الإلكترونية ولكنهم كانوا يضطرون إلى الانتظار لأيام للحصول عليها، ووجدوا أن الفئات التي تندرج تحتها معظم هذه التجارب هي مستحضرات التجميل، ولعب الأطفال، والأدوات المنزلية، وعناصر الموضة الرئيسية من ملابس وحقائب وأحذية وغيرها، لذا قررت الشركة توسيع دائرة نشاطها حيث قال يسري: “أياً كان ما يحتاجه العميل خلال 20 دقيقة، فسوف نسمح للسوق بإملاء وفرض ما نبيعه فنحن لا نحصر أنفسنا فقط في تخصص البقالة”، وكان هذا ما ميّز الشركة عن منصات أخرى لتوصيل البقالة فقط في مصر مثل جودسمارت GoodsMart وأبيتيتو Appetito.
تعمل شركة Rabbit بإستراتيجية مشابهة لغيرها من الشركات الناشئة في العالم والتي تقدم خدمات التوصيل عند الطلب، حيث اتخذت النموذج الذي تعمل به شركة أمازون من حيث المستودعات الكبيرة وقسموها إلى مستودعات مصغّرة وهي مراكز الإيفاء بالطلبات، وتم توزيعها في أربعة أماكن رئيسية بالقاهرة هم الزمالك والمهندسين ومدينة نصر والمعادي، وتقوم الشركة بشراء خمسة فئات رئيسية من السلع هم (البقالة، ومستحضرات التجميل، وألعاب الأطفال، وعناصر الموضة الأساسية، والأدوات المنزلية) من موردي الجهات الخارجية وتقوم بتخزين هذه السلع في مستودعاتها، وتصنيفها وتغليفها وترميزها ثم بيعها من خلال تطبيق وبتكلفة توصيل ثابتة للعملاء.
تفيد شركة Rabbit بأن لديها تحكم كامل في التجربة الشاملة The end-to-end experience على منصتها، حيث يوجد نظام مباشر لتتبع المخزون المتواجد في المستودعات لمراقبة ما هو متواجد على الأرفف، بالإضافة إلى تزويد مسئولي التوصيل بالمعدات والتقنيات الوقائية اللازمة لإجراء عمليات التسليم، وبالمناسبة فبعضهم من العاملين وبعضهم من أصحاب المهن الحرة، وتخطط الشركة التي يبلغ عمرها 6 أشهر فقط لإضافة مركز إيفاء بالطلبات جديد كل أسبوعين حتى نهاية العام، وذلك لتغطية المزيد من المدن الكبرى خلال فترة الـ 12 شهر القادمة.
إن الإسم الطريف لشركة Rabbit يجعل من الممكن أن نقول أن هذا الأرنب كان في حالة اختباء ولم ينطلق إلا خلال الشهر الماضي، وفي خلال أول يومين فقط نجحت الشركة في إكمال حوالي 30% من تسليم الطلبات في أقل من 20 دقيقة، وارتفعت هذه النسبة خلال الأسبوع الماضي إلى 90% بالفعل، فالطريقة التي ينظرون بها إلى الأمور واضحة ومباشرة، ومن نظريات الشركة أنه ما دامت ماكدونالدز قادرة على تقديم الساندويتشات خلال 30 دقيقة، بالإضافة إلى أنه لا زال عليهم إعداد الساندويتش، فيمكن لنا بفهم بعض الأمور بشكلها الصحيح أن نوصل طلباتنا بسهولة خلال 20 دقيقة.
لقد قامت من قبل العديد من الأبحاث التي تغطي ما يحدث داخل إطار مجال عمليات التوصيل المريح والتسليم عند الطلب بطرح تساؤل هام والبحث فيه، وهو هل بإمكان تلك الشركات الإيفاء بأوقات التسليم دون حدوث إصابة أو إلحاق أي ضرر بمسئولي التسليم والسائقين؟ حيث أن تلك المشكلة واجهتها شركة Gorillas هذا العام في محاولات منهم لتنفيذ عمليات تسليم خلال فترة أقل من 10 دقائق، ولكن ترتب عليه أنه تم استلام احتجاجات وشكاوى من بعض السائقين الذين اعترضوا على ظروف العمل وطالبوا بتحسينها.
ولكن يجيب أحمد يسري بأن التقنيات التي تعمل بها Rabbit توفر معظم وقت التسليم للسائقين حتى يكون أمامهم المدة الكافية التي تضمن الأمان وعدم وجود مشكلات معهم، وذلك حيث أن عمليات تلقي الطلب وتعبئته تستغرق 120 ثانية فقط أو أقل، لذلك فهناك 18 دقيقة باقية من نصيب السائق، ويقول أحمد يسري بأن هذا هو بالظبط ما جعل فترة الـ 20 دقيقة هي التي اختارتها الشركة وليس 10 دقائق بالرغم من أنه عملياً يمكنهم تقصير مدة التسليم إلى 10 دقائق، ولكن إذا فعلوا ذلك فلن يؤخذ في الحسبان سلامة السائق وأمانه، فبالنسبة إلى Rabbit هناك دقيقتين فقط من المدة الكلية للتسليم تمضي في المستودع، وبعد ذلك الوقت كله متروك للسائق حتى يقود بأمان ولا يضطر إلى العجلة التي قد تعرضه للمخاطر، بالإضافة إلى الالتزام بقواعد المرور السليمة بالطبع.
ورغم أنه حتى الآن لم يستخدم خدمة Rabbit سوى عدد قليل من الأشخاص، ولكن يفيد يسري بأنه تكمل الشركة حالياً أكثر من 50 طلباً لكل موقع من مخازنها يومياً مع عدد سائقين في حدود الـ 50 تقريباً، ومن المتوقع بلسان المدير التنفيذي أن تستقبل قريباً آلاف الطلبات كل شهر، حيث أن الشركة تقوم حالياً بتوظيف أكثر من 100 وظيفة ما بين أقسام المتاجر والموارد البشرية والسائقين لتلبية التدفق السريع والضخم للطلبات الذي من المرجح أن تواجهه قريباً.
وقال لورنزو فرانزي الشريك في Global Founders Capital في حديثه عن الاستثمار أن فريق شركة Rabbit يؤسس ويرسخ معياراً جديداً تماماً في مصر والمنطقة المحيطة فيما يخص مجال صناع تسليم البقالة، فهم يقدمون تجربة جديدة كليّاً للعملاء مقارنة بمحلات البقالة التقليدية والمتاجر المحلية.
على الصعيد الآخر، قال طلال الأسمري من شركة رائد فنتشرز أن شركته قامت بدعم شركة Rabbit ذات الستة أشهر فقط من العمر لأن مؤسسيها لديهم الرؤية والخبرة اللازمة لقيادة مجال التسليم فائق السرعة في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا.